وكالة الأنباء الفرنسية تتغزل أنجوس وتشير إلى أنه أعاد السعودي للطريق الصحيح: 35 يوماً قلبت موازين الأخضر
35 يوما فقط كانت الفترة التي تولى فيها البرازيلي هيليو سيزار دوس أنجوس تدريب منتخب السعودية قبل انطلاق كأس آسيا الرابعة عشرة لكرة القدم، لكنها كانت كافية له ليتحول من مدرب مغمور غير معروف على الإطلاق في المنطقة الخليجية خصوصا والآسيوية عموما إلى أحد أنجح المدربين فيها.
ولم تكن فترة الإعداد القصيرة هي العائق الوحيد أمام أنجوس (49 عاما) في مهمته التدريبية الأولى خارج البرازيل، بل إنه اصطدم ببعض الإصابات التي حتمت عليه اتخاذ قرارات بديلة وأبرزها لصانع الألعاب وصاحب النزعة الهجومية محمد الشلهوب، فاختار عبد الرحمن القحطاني بديلا عنه وكان ناجحا جداً وأحد أهم اكتشافات البطولة الآسيوية.
وليس هذا فقط، بل إن عمل أنجوس على رأس الإدارة الفنية للمنتخب السعودي ترافق مع انتقادات لاذعة من الإعلام السعودي الذي حرك ضده عواطف الشارع الرياضي أيضا، خصوصا بعد استبعاده لعدد من لاعبي الخبرة مفضلا عليهم العناصر الشابة، وأبرز مثال على هذا الصعيد كان قراره بإبعاد المدافع حمد المنتشري، أفضل لاعب في آسيا عام 2005، والاعتماد على وليد عبد ربه بدلا منه.
وعنفت الانتقادات السعودية كثيرا لأن أنجوس اختار إلى تشكيلة «الأخضر» في النهائيات الآسيوية لاعبين لا يشاركون أساسيين في فرقهم في المسابقات المحلية، وذهب البعض إلى اعتباره مغمورا لا يعرف طبيعة اللاعبين السعوديين جيداً.
ورغم كل الظروف التي واجهته، شكلت كأس آسيا الحالية فرصة مثالية لأنجوس لكي ينقل أفكاره التدريبية والتكتيكية إلى اللاعبين الذين نالوا ثقته وكان لهم نصيب الانضمام إلى تشكيلته، وهي تشكيلة شبه جديدة لا يتجاوز معدل أعمار لاعبيها الثانية والعشرين.
ورفض أنجوس بشكل قاطع اعتبار الحظ وحده وراء ما حصل مع المنتخب السعودي حتى الآن بتأهله إلى نهائي البطولة بقوله: يمكن أن نكون محظوظين في مباراة ولكن ليس في جميع مبارياتنا، فجوابنا على من يقول هذا الكلام كان في الملعب.
أنجوس الذي كلف بإعداد منتخب قوي لنهائيات مونديال جنوب أفريقيا عام 2010 يقف على بعد مباراة واحدة من تحقيق إنجاز لم يكن يحلم به بقيادة المنتخب السعودي إلى لقب كأس آسيا للمرة الرابعة في تاريخه وتكرار ما حققه مواطنه الشهير كارلوس البرتو باريرا.
ونجح ثلاثة مدربين برازيليين بشكل لافت مع «الأخضر» في النهائيات الآسيوية، فقاده باريرا إلى اللقب عام 1988، ونيلسون مارتينيز إلى نهائي عام 1992 قبل أن يخسر أمام اليابان 0ـ1، قبل أن تسنح الفرصة الآن لأنجوس.
وكما فرض أنجوس احترامه على المدربين المنافسين، فإنه يلقى احتراما لافتا من اللاعبين السعوديين أنفسهم الذين أعربوا عن إعجابهم بأسلوبه وبطريقته في التدريب، وهو كان يعاملهم على أنهم يمتلكون موهبة يجب أن يظهروها أمام الجميع من دون أي خوف.
وكان لافتا عندما قال المدرب البرازيلي للاعبيه قبل مواجهتهم منتخب إندونيسيا أمام نحو تسعين ألف متفرج من مشجعيه الفنان الجيد هو الذي يقدم أفضل ما عنده أمام الجمهور، وأمام إندونيسيا ستلعبون أمام عشرات الآلاف ويجب أن تأخذوا الجانب الإيجابي من هذا الجمهور وتقدمون أفضل ما لديكم.
وتواصلت الانتقادات رغم أن المنتخب السعودي عبر إلى ربع النهائي بتعادل مع كوريا الجنوبية 1ـ1 وفوز على إندونيسيا 2ـ1 والبحرين 4ـ0.
وكان الموعد في ربع النهائي مع أوزبكستان القوية والتي أخرجت الصين بفوز كبير 3ـ0، لكن المنتخب السعودي تفوق عليها أيضا 2ـ1.
ولم يتردد أحد الصحافيين السعوديين بالتوجه إلى أنجوس في المؤتمر الصحافي عقب تلك المباراة قائلا: أنا من الذين انتقدوك بشدة حتى الآن ولكنني أريد تسجيل اعتذاري منك بعد تأهل المنتخب إلى نصف النهائي خصوصا أنه يقدم مستوى رائعا هو الأفضل للمنتخب السعودي منذ بداية التسعينات.
ابتسم المدرب البرازيلي لدى سماعه هذه الكلمات ورد بهدوء لا يعكس طبيعته أبدا والتي تظهر جلية خلال متابعته المباريات من على خط الملعب: أنا قادم من إحدى دول أميركا الجنوبية حيث يتعرض المدربون إلى انتقادات دائما ويواجهون مصير الإقالة باستمرار، واعتبر الانتقادات جزءا من عملي في مهنة التدريب.
وأردف أيضا بقوله: بدأت لعب كرة القدم عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، وأعرف تماما أن الانتقادات مرادفة لهذه الرياضة، لم أقف كثيرا عن الانتقادات التي كنت أواجهها في بداية عملي على رأس الجهاز الفني للمنتخب السعودي لكن اتحاد كرة القدم دعمني في عملي، والآن احكموا علينا من خلال ما حققناه داخل الملعب.
إضافة إلى أسلوبه في التدريب، كان لشخصية أنجوس إثر خاص في العلاقة السريعة التي تكونت بينه وبين اللاعبين، فكان شديد التأثر والانفعال على كل كرة أو فرصة ضائعة للمنتخب السعودي، حتى أن اللاعبين أنفسهم كانوا يحاولون التوجه إليه لتهنئته عقب تسجيل كل هدف، وهو بنفسه كان يشاركهم الفرحة ويعانقهم فردا فردا بعد كل مباراة، فتكونت حتى الآن قصة نجاح خصوصا أنه راهن كثيراً على المجموعة التي اختارها للمشاركة في البطولة.
وأراد أنجوس إيصال أفكاره إلى اللاعبين بطريقته الخاصة، وقال لهم في احدى المرات يجب أن تكونوا سعداء في الملعب وأن تستمتعوا بادائكم وأن تستفيدوا من مهاراتكم الفردية جيدا.
وأصاب المدرب البرازيلي نجاحا لا غبار عليه حتى الآن ونال احترام جميع المدربين والمحللين، وبغض النظر عن نتيجة المباراة النهائية للبطولة التي ستجمع السعودية والعراق الأحد المقبل في جاكرتا، فإن أنجوس أعاد «الأخضر» إلى الطريق الصحيح بمواهب جديدة ستشكل نواة المنتخب في السنوات المقبلة.